الرئيسيةأقلام جادة“المقعد الدوار”.. أحدث إبداعات الأديبة وداد معروف
أقلام جادة

“المقعد الدوار”.. أحدث إبداعات الأديبة وداد معروف

المقعد الدوار
حالا يا سعيد بك، ثواني ويكون الشاي أمام حضرتك على المكتب، يحب الشاي مضبوط سكر وشاي، قبله محسن بك كان يفضله خفيف سكر خفيف شاي، وقبله كان محمدين بك يطلب مني الشاي بدون سكر تماما، فقد كان مريضا بالسكر، فلأحمله له فسعيد بك روحه في أنفه، لو تأخرت ثانية أخرى فربما دخل علي هنا في غرفة الشاي وطيرني بصوته الذي يشبه الصواعق.
الشاي يا سعيد بك، أي أوامر أخرى؟، نحن في إجازة الصيف وإجازات الإعارات للمعلمين مكدسة في المكتب تنتظرني حتى أنهيها وهو يستدير على مقعده الدوار بجسده الممتلئ، تفضل يا جاد، كن رهن ندائي، ربما أحتاج منك إلى شيء
تحت أمرك يا افندم.. عدت لمكتبي وأنا أفكر في كلمات زميلتي سناء التي رشقتني بها أمس لما رفضت أن أحمل ملفاتها للمديرية وأعود بها موقعة من وكيل الوزارة قالت لي بقسوة وتشفٍ حين نادى عليَّ المدير: ترضي لنفسك أن تقوم بعمل عامل (البوفيه) في غيابه، للمدير ولكل ضيوف مكتبه، قهوة يا جاد شاي يا جاد، وتتسوق له يوميا ولكل من سبق من مديرين، أما قضاء مصلحة محترمة من صميم عملنا؛ تتأبى علينا وتتحجج بالانشغال!!
كيف أقول لك إن هذه الطاعة هي التي أبقتني هنا لم أُنقل لمكان يبعد عن بيتي، هذه الطاعة هي التي تجعل المديرين على كثرة تبدلهم وتغيرهم يقربونني منهم، يا سناء يا أختي أنا بطاعتي هذه للبهوات الذين يتغيرون ويتبدلون؛ إما بالمعاش وإما بالنقل أو بالموت وربما أيضا بعد تحقيق واتهام بالفساد، كلهم لا يثقون إلا في جاد،
أنا من أذهب لسيارتهم بالمشتريات وأضعها فيها، وأنا أيضا من يسمحون له بالبقاء في المكتب إذا أغلق عليهم وعلى من جاء بوساطة لنقل هذا أو إعادة تلك لعمله أو عملها ، أو هذا الذي جاء بطلب استثناء ما، أو الذي يأتي ليشي بزملائه ويفتري عليهم، أنا بئر هذه الأسرار لطابور طويل من البهوات، الذين حلوا ثم رحلوا وسيأتي غيرهم وسأبقي أنا أقدم الشاي وأدس المشتريات في السيارات، وأرتب لأصحاب الشفاعات والوساطات؛ اتركيني يا سناء لحالي، فجاد سعادات كما كان يناديني أولاد حارتنا زمان، أنا المنسوب لاسم أمي سعادات بائعة العسلية ، لم يكن يحلم بأكثر مما هو فيه الآن.
سناء وهي تضحك وتسألني : جاد ابنك إياد هل قُبل في الوظيفة الجديدة التي أعلنت عنها شركة مياه الشرب؟
أفاقتني ضحكتها التي عقبت بها سؤالها من أفكاري التي حامت في عقلي وأنا أملأ طلب الإجازة، وقلت لها ماذا تقولين يا سناء؟
قالت كنت أسألك : ابنك إياد هل قبل في الوظيفة الجديدة التي أعلنت عنها شركة مياه الشرب؟
نظرت إليها بتحد فأنا أعرف مغزى سؤالها وقلت: نعم، ربنا يبارك لنا في سعيد بك.
وجاء صوته راعدا جعلها تنكمش في مقعدها وهو يقول: القهوة يا جاد
ثواني يا سعيد بك، تكون القهوة المضبوط فوق مكتبك

Sahbet Aljalalla صاحبة الجلالة
منصة ثقافية شاملة.. بوابة إخبارية في عالم الصحافة الثقافية و الأخبار الشاملة ..

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *