الرئيسيةثقافة و فنونماذا لو قرأ عبد الناصر شخصيته روائيا ..الجزء الثاني بقلم / منير عتيبة …صاحبة الجلالة
ثقافة و فنونمقال

ماذا لو قرأ عبد الناصر شخصيته روائيا ..الجزء الثاني بقلم / منير عتيبة …صاحبة الجلالة

اعترافات الخريف التي تتحدث عن الاغتيالات السياسية العليا من أيام كاليجولا حتى سعاد حسني الممثلة التي كانت تعمل مع المخابرات المصرية وأشرف مروان زوج ابنة عبد الناصر الذي أصبح من كبار تجار السلاح)، وليزيد الكاتب بناءه الروائي تعقيدًا؛ أراه ممتعًا، لا يسرد الأحداث بتسلسلها التاريخي بل إنه يراوح في الزمن رجوعًا إلى الماضي وانطلاقا إلى الحاضر باختيار سنوات مهمة في حياة الراوي أو البلاد، ويجعل عناوين فصول الرواية كلها؛ عدا المعنونة بكلمة اعترافات، أرقامًا لسنوات: 2018-2018-1969-1926-1982-2011-1971 وهكذا.
كان استدعاء عبد الناصر في رواية سليمان المعمري وسيلة لتحقيق أمرين، الأول إعادة تقييم التجربة الناصرية من وجهتي نظر المؤيدين والمعارضين لها، والثاني فضح طرق التفكير وآليات التعامل في الوسط الصحفي العماني بغرض التعرف إلى سلبياته بما يساعد على تجاوزها، وذلك في إطار إشارات نقدية قوية إلى مشاكل الأداء السياسي العام خلال عام2011 فيما سمي بالربيع العماني. فقدم المعمري رواية أصوات بامتياز، لا يتشابه فيها صوت مع الآخر، رواية ساخرة فاضحة للعيوب الشخصية والمثالب العامة، ولابد أن القارئ العماني كان يفكر، وهو يقرأ الرواية، في الشخصيات الحقيقية التي استلهم منها الكاتب شخصيات روايته، ولم ينخدع هذا القارئ بما قاله الكاتب ص7(شخصيات وأحداث هذه الرواية من نسج خيال الكاتب.. فإذا ما تشابهت مع شخصيات أو أحداث حقيقية في الواقع فذلك لا يعدو كونه مصادفة قدرية محضة) وكأن الكاتب يسخر ممن سيظن بوجود هذه المصادفة القدرية، وينبه القارئ ليفتش بنفسه عن مشاكل واقعه، ليحقق الغرض الأساس من الرواية وهو الحض على التغيير. وقد اختار المعمري أن يكتب أبطاله اعترافاتهم بأسلوب صحفي بسيط، محققًا ما أراده من سخرية ومتوائمًا مع طبيعة عمل هذه الشخصيات في المجال الصحفي، ومشيرًا من طرف خفي إلى سطحية هذه الشخصيات التي يصعب أن تتعمق بعيدًا في تحليل مجريات الحياة.
أما شريف العصفوري فيقدم رواية قائمة على المعلوماتية والتحليل، فصول كاملة لن تجد فيها أحداثًا تمر بالشخصيات الروائية بقدر ما تجد شرحًا وتحليلًا ومعلومات غير متداولة على نطاق واسع لما حدث بمصر أو بالشركة المتحدة، وهي رواية ممتعة لقارىء خاص، كان يمكن أن تختصر قليلًا وبالذات في الفصل الأول الذي شرح فيه الكاتب فكرة البطولة على لسان أحمد جمال بإسهاب شديد أوقف السرد في الصفحات الأولى، وكان يمكن أن يصرف القارئ عن متعة حقيقية على المستويين السردي والتاريخي قدمهما له الكاتب في هذه الرواية المتميزة.
سيجد القارئ متعة فنية كبيرة في قراءة العملين، وسيجد لذة عقلية فيما تثيره الروايتان لديه من رغبة في إعادة التفكير في تاريخه الشخصي وتاريخه العام، ولابد سيسأل نفسه كما سألت نفسي وأنا أقرأهما: لو أتيح لعبد الناصر؛ أو لأي حاكم آخر، أن يقرأ نفسه كشخصية روائية، هل كان ذلك سيغير بعض أو كل قراراته، هل كان سيمنحه وجهة نظر مختلفة تجعل تأثيره التاريخي أكثر إيجابية وأعظم أثرًا؟ خصوصًا وأن عبد الناصر ألف رواية في شبابه ولم يكملها (في سبيل الحرية)، فهو يعرف صعوبة وأهمية أن تكتب رواية.
ستبقى هذه الأسئلة معلقة إلى أن أقتدي بالكاتبين المبدعين وأستدعي جمال عبد الناصر لأتحاور معه بنفسي.

Sahbet Aljalalla صاحبة الجلالة
منصة ثقافية شاملة.. بوابة إخبارية في عالم الصحافة الثقافية و الأخبار الشاملة ..

تعليق واحد

  1. نبيلة المسيري

    دام نبض القلم المبدع
    معلومات قيمة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *