أدت عملية طوفان الأقصى الى عودة الروح والوعي الى قضية الشعب الفلسطيني الذي يناضل منذ 75 عاماً وحتى اليوم، وحركت الضمير العالمي مع القضية الفلسطينية ضد حرب الابادة والتدمير والتهجير والحصار الذي تتعرض له غزة والمدن الفلسطينية.
وقد شهد العالم تظاهرات في أكثر من 200 مدينة حول العالم تضامناً مع الشعب الفلسطيني.
فقد خرج طلاب الجامعات الاميركية والبريطانية والالمانية والفرنسية وغيرها في تظاهرات، ونظموا اعتصامات داخل تلك الجامعات ونصبوا الخيام في مشهد تضامني لم نشهد له مثيلاً في الدول العربية والاسلامية ، فكنا نأمل أن يحذوا الطلاب العرب والمسلمين والنقابات العمالية العربية حذوهم في الجامعات العربية والاسلامية لأن هذه التظاهرات والاعتصامات الطلابية فضحت ممارسات حرب الابادة على غزة امام الرأي العام الاميركي والغربي والعالمي الذي يجري تضليله من قبل وسائل الاعلام الغربية والتي يسيطر عليها اللوبي الصهيوني والمنظمات اليهودية (ايباك)، فكل من يتحدث عن جرائم اسرائيل يتهم بمعاداة السامية حتى لو كان يهودياً.
وقد ظهر نتنياهو على وسائل الاعلام ووصف مايجري في جامعة كولومبيا و الجامعات الاميركية انه معاد للسامية وظهر بعض الطلاب اليهود أثناء الاعتصامات وهم يتحدثون لوسائل الاعلام أنهم يتضامنون مع الشعب الفلسطيني ضد حرب الابادة على غزة وهذا يدل على أن الشعوب لم تنطلي عليها أكذوبة معاداة السامية فنتنياهو ومن يقف معه هم معادين للبشرية ويجب محاكمتهم كمجرمي حرب كما طالبت جنوب افريقيا بمحاكمة اسرائيل لدى محكمة العدل الدولية في لاهاي على ما ترتكبه من حرب ابادة على عزة.
ومع الاسف أن الدول العربية لم تطالب بمحاكمة اسرائيل على جرائمها منذ 1948 وحتى اليوم حيث جرى تهجير الفلسطينيين من أرضهم وترحيلهم الى الدول المجاورة ودول العالم وهم الذين يدافعون عن أرضهم ومقدساتهم بل أنهم خط الدفاع الاول عن الامة العربية والاسلامية والمقدسات.
وأتذكر أن الجماهير العربية كانت تخرج في مظاهرات مؤيدة لثورة الجزائر كما كانت تخرج حينها مظاهرات في فرنسا للمطالبة بانسحاب القوات الفرنسية عن الجزائر لانهم خسروا ابنائهم في معارك على ارض ليست أرضهم في حين كانت الحكومة الفرنسية تعتبر أن الجزائر أرض فرنسية وهذا ليس صحيحاً وليس حباُ في ارض الجزائر انما بثروات النفط والغاز فيها.
إضافة الى ذلك أتذكر تضامن نقابات العمال التي كانت تقاطع السفن الفرنسية في بعض الموانئ العربية ومنها عدن، وكان بعض أئمة المساجد في عدن كالشيخ الجليل الوطني القومي عبد الله حاتم رحمه الله كان يخصص فقرات من خطبة الجمعة للتضامن مع ثورة الجزائر وكان يردد اللهم يا قوي ياقاهر انصر ثورة الجزائر والمصلين يرددون بصوت عال آمين وكان أيضاً يتحدث عن مصر في حرب 1956 اللهم يا قوي يا قاهر انصر جمال عبد الناصر
وقد أدت مطالبات الرأي العام الفرنسي اضافة لصمود الشعب الجزائري وتضحياته في ثورة المليون شهيد الى التحرر من الاحتلال الفرنسي.
وهذا يذكرنا ايضا بما حدث في فيتنام حيث ساهم الرأي العام الاميركي وتضحيات الشعب الفيتنامي بالتحرر من القوات الاميركية.
واتذكر لقائي في عدن كرئيس للوزراء ووزير للدفاع مع رئيس البنك الدولي مكنمارا الذي كان قبلها وزير الدفاع الاميركي بين عامي 1961- 1968 في حفل عشاء معه في دار الضيافة في معاشق بعدن حدثني عن بعض ذكرياته في فيتنام عندما كان وزيرا للدفاع الاميركي وعن شجاعة وبطولات الشعب الفيتنامي و قائده الجنرال جياب الذي التقيته في فيتنام وعدن وقد اشار وزير الدفاع الاميركي الى أن أحد اسباب انسحاب القوات الاميركية عن فيتنام هو ضغط الرأي العام الاميركي على الادارة الاميركية الذين خسروا أبنائهم في هذه المعركة ليس دفاعاً عن أميركا وإنما خوفاً من انتشار الشيوعية في الهند الصينية وغيرها من البلدان.
وفي فترة الاحتلال البريطاني في عدن شكلت لجان في الدول العربية لمناصرة الثورة في عدن حتى تحررت من الاحتلال البريطاني الذي استمر 129 عاماً. وهذا كله يدل على التضامن بين الشعوب العربية الذي نفتقده اليوم.
فلسطين اليوم بحاجة الى موقف تضامني عربي صادق وشجاع الى جانب القضية الفلسطينية لوقف الحرب وفك الحصار وقيام الدولة الفلسطينية.
فمتى يستيقظ الضمير العربي ونحن نشاهد هذه الانتهاكات والجرائم بحق الشعب الفلسطيني ولم ينج من ذلك حتى المسجد الاقصى الذي جرى اجتياحه وانتهاكه المتكرر من قبل المتطرفين اليهود في ظل صمت عربي واسلامي.
نحن نؤكد على أهمية وحدة القيادة الفلسطينية والشعب الفلسطيني في هذه المرحلة الخطيرة التي لم تشهد القضية الفلسطينية مثيل لها في تاريخ الشعب الفلسطيني والشعوب العربية فالعدو واحد والمتضرر هي القضية الفلسطينية برمتها والأمة العربية وليس فصيلاً سياسياً واحداً.
كما ناشدت بذلك مجموعة السلام العربي في اجتماعها الاخير يومي 29 -30 أبريل في جامعة الدول العربية.
المجد والخلود للشهداء
ا