نظم المجلس الأعلى للثقافة نقاشا حول دور التقنيات الحديثة والوسائل المساعدة فى حياة الأشخاص ذوى الإعاقة”، وذلك بالتعاون مع جمعية المكفوفين المصرية برئاسة الدكتور علاء الدين عبد الحليم عبد الله، صباح اليوم الإثنين الموافق 24 يونيو 2024 بقاعة الندوات بمقر المجلس تحت رعاية الدكتورة نيفين الكيلانى وزيرة الثقافة والدكتور هشام عزمى الأمين العام للمجلس الأعلى للثقافة،
وانقسمت الندوة على جلستين؛ حيث جاءت الجلسة الأولى بعنوان: (العوامل النفسية والاجتماعية والآثار الإيجابية للتكنولوجيا على حياة الأشخاص ذوى الإعاقة، وتحقيق الصحة النفسية)، وتحدث فيها: الدكتور علاء الدين عبد الحليم عبد الله، والدكتور محمد صلاح الإمام، والدكتور عبد الله غازى، والأستاذة فاطمة حنفى محمود، والأستاذة سامية شنودة بشرى.
فيما جاءت الجلسة الثانية تحت عنوان: (دور التقنيات الحديثة والوسائل المساعدة فى حياة الأشخاص ذوى الإعاقة)،
وتحدث فيها: الأستاذ أحمد محمد عبد التواب؛ مسئول التكنولوجيا المساعدة لذوى الإعاقة بالجامعة الأمريكية،
والأستاذ حسام محمد عبد التواب؛ مدرب الحاسب الآلى لذوى الإعاقة بمركز القوات المسلحة، والأستاذ محمد على السعودى؛ مطور البرامج التكنولوجية بجمعية المكفوفين المصرية، وشهدت الندوة فى ختامها فقرة مخصصة للمواهب الفنية، اشتملت على استعراض فنى للفلكلور الشعبى، وأغنية بلغة الإشارة الخاصة بذوى الإعاقة.
بدأت الجلسة الأولى بكلمة الدكتور علاء الدين عبد الحليم عبد الله، وتناول لمحة تاريخية حول الإدارات والوسائل المساعدة لذوى الإعاقة وتطورها لتوفير الإتاحة والتمكين، وأوضح أن عميد الأدب العربى طه حسين عمل فى ظروف قاسية جدًا ووصل إلى الخلود بفضل إرادته ونبوغه الأدبى الكبير، وأشار إلى أن تاريخ الإدارات والوسائل المساعدة لذوى الإعاقة قد شهد تطورا هائلا، بدءًا من مؤسسات الرعاية الخيرية فى العصور الوسطى، مرورًا بحركة إصلاح الإعاقة فى القرنين الثامن عشر والتاسع عشر، وصولاً إلى ثورة التكنولوجيا المساعدة في العصر الحديث، وتطرق إلى أهمية طريقة برايل التى تُعد نافذة المعرفة للمكفوفين، وتُعدّ طريقة برايل نظامًا مبتكرًا للقراءة والكتابة مخصصًا للمكفوفين، يعتمد على لمس نقاط بارزة مرتبة في خلايا. تُتيح هذه الطريقة للمكفوفين فهم اللغة العربية وفكّ رموزها بدقة، ممّا يُساهم فى تعليمهم وتمكينهم من المشاركة بفعالية فى جميع مجالات الحياة، وفى مختتم حديثه أوضح أن الحركات الاجتماعية والتشريعات الجديدة والابتكارات التكنولوجية ساهمت بشدة فى تحسين حياة الأشخاص ذوى الإعاقة بشكل كبير، من خلال توفير فرص التعليم والتدريب والتوظيف.
ثم تحدث الدكتور محمد صلاح الإمام حول دور الأجهزة الذكية فى تعزيز الصحة النفسية لدى الأشخاص ذوى الإعاقة، موضحًا أن الأجهزة الذكية باتت تمثل أدوات فعالة فى تعزيز الصحة النفسية للأشخاص ذوى الإعاقة؛ حيث توفر لهم فرصًا للتواصل والدعم الاجتماعى، والوصول إلى المعلومات والخدمات، وإدارة صحتهم النفسية، والترفيه، والتعلم والتطوير الشخصى، وتُساهم هذه الفوائد فى تقليل مشاعر الوحدة والعزلة، وتعزيز الشعور بالانتماء والاستقلالية والثقة بالنفس، وتحسين نوعية حياة الأشخاص ذوى الإعاقة بشكل عام، وفى مختتم حديثه أكد أنه يجب استخدام هذه الوسائل بمسئولية مع الحرص على استشارة أخصائى الصحة النفسية عند الحاجة.
فيما تحدث الدكتور عبد الله غازى حول صناعة الشخصية وبناء القدرات لدى الأشخاص ذوى الإعاقة، مشيرًا إلى أنه لا يعتبر المكفوفين لديهم إعاقة؛ فالإرادة هى كل شىء يمتلكه البشر، ومن هنا نجد أن صناعة الشخصية وبناء القدرات لدى الأشخاص ذوى الإعاقة التى باتت تُمثل رحلة أساسية لتحقيق التمكين والعيش الكريم، وتبدأ هذه الرحلة باكتشاف الذات، وتعزيز الثقة بالنفس، وتطوير المهارات، وتحديد الأهداف، مع المثابرة والتصميم، ولا تتردد في طلب الدعم، وفى مختتم حديثه أكد أن المجتمع يلعب أدوارًا مهمة فى ذات الإطار، تتمثل فى توفير فرص التعليم والتدريب، وخلق بيئة داعمة، ومكافحة التمييز، وتمكين الأشخاص ذوى الإعاقة من تحقيق إمكاناتهم الكاملة مما يسهم فى بناء مجتمع شامل.
ثم تحدثت الأستاذة فاطمة حنفى محمود :أثر الأجهزة المعنية على تحقيق التواصل المجتمعى وتحقيق الدمج، موضحة أن الجهات المعنية تلعب دورًا محوريًا فيما يتعلق بتحقيق التواصل المجتمعى والدمج لذوى القدرات الخاصة، وبناء مجتمع صحى يُتيح للجميع المشاركة بفعالية، وتُساهم مختلف الجهات المعنية في تحقيق ذلك من خلال الحكومات عبر توفير السياسات والقوانين الداعمة، وسن القوانين التى تُجرم التمييز ضد الأشخاص ذوى القدرات الخاصة، وتُلزم الجهات المختلفة بتوفير بيئة مناسبة لهم، وتقديم الخدمات والبرامج، وتوفير خدمات التعليم والصحة والتوظيف والتدريب والتأهيل للأشخاص ذوى القدرات الخاصة، وتهيئة البنية التحتية، عبر تجهيز المبانى والطرق والمواصلات العامة بما يُمكّن ذوى القدرات الخاصة من الوصول إليها واستخدامها بسهولة، وأشارت فى مختتم حديثها إلى ما يقع على عاتق المنظمات غير الحكومية من أدوار فعالة فى ذات الإطار، مثل نشر الوعى والتثقيف المجتمعى، عبر توعية المجتمع بقضايا الإعاقة وتغيير الصورة النمطية السلبية المرتبطة بها، وتقديم الدعم والتأهيل والتدريب وتوظيف الأشخاص ذوى القدرات الخاصة، والدفاع عن حقوقهم، والمطالبة بتطبيق القوانين واللوائح ذات الصلة.
وتناولت الأستاذة سامية شنودة بشرى موضوع الموسيقى وتأثيرها الإيجابى فى حياة الأشخاص ذوى الإعاقة؛ حيث تُعدّ الموسيقى لغة عالمية تتخطى حاجز الإعاقة، وتُلامس أرواح ذوي القدرات الخاصة بألحانها الساحرة وتأثيراتها الإيجابية المتعددة على حياتهم، وأشارت إلى التأثير العميق للموسيقى على الأشخاص ذوى القدرات الخاصة، الذى ينعكس بالتحفيز والتعبير عن الذات؛ حيث تُساعد الموسيقى الأشخاص ذوى القدرات الخاصة على التعبير عن مشاعرهم وأفكارهم بدقة وحرية، ممّا يُعزّز ثقتهم بأنفسهم ويُحفّزهم على الإبداع، وكذلك تلعب دورًا مهمًا فيما يتعلق بالتطوير المعرفى؛ فتُساهم الموسيقى فى تنمية مهاراتهم المعرفية مثل الذاكرة والتركيز والانتباه، وتُحسّن قدراتهم على التعلم، وكذلك التواصل الاجتماعى؛ حيث تُتيح الموسيقى فرصةً للتواصل والتفاعل مع الآخرين، وتُساعد على بناء العلاقات وتكوين الصداقات، وتُساعد تمارين الموسيقى على تحسين المهارات الحركية والتخلّص من التوتر والقلق، والمساعدة على الاسترخاء والشعور بالهدوء النفسى.
تحدث الأستاذ أحمد محمد عبد التواب، مشيرًا إلى ما تُقدمه التقنيات الحديثة والوسائل المساعدة من إمكانيات هائلة لدمج ذوى القدرات الخاصة في المجتمع وتحسين جودة حياتهم؛ فمن خلال هذه التقنيات، تُتاح لهم فرصة تحسين قدراتهم الحركية: مثل الأطراف الاصطناعية والروبوتات الداعمة التى تُساعد ذوى الإعاقة الحركية على القيام بالمهام اليومية بشكلٍ أكثر استقلالية، وكذلك تعزيز التواصل باستخدام برامج تحويل النص إلى صوت وصوت إلى نص التى تُتيح للأشخاص ذوى الإعاقة السمعية أو النطقية التعبير عن أفكارهم بوضوح.
ثم أوضح الأستاذ حسام محمد عبد التواب أهمية نشر الوعي والتثقيف من خلال حملات توعية تُساهم في تغيير الصورة النمطية والسلبية المرتبطة بالإعاقة، وتعزيز ثقافة التقبل والاحترام والمساواة بين جميع أفراد المجتمع نحو بناء مجتمع شامل يُتيح للجميع المشاركة والعيش بكرامة وإنسانية؛ فالتكنولوجيا ليست مجرد أدوات تُستخدم، بل هي جسور تُبنى ووسائل تُسخّر لتمكين ذوي القدرات الخاصة وإتاحة الفرصة لهم للمشاركة في بناء مستقبلٍ أفضل للجميع.
وأشار الأستاذ محمد على السعودى إلى أهمية تنمية المهارات المعرفية من خلال برامج وتطبيقات تُساعد ذوى الإعاقة الذهنية على التعلم والتذكر والتركيز بشكلٍ أفضل، ودعم التعلم وتوفير فرص تعليمية متكافئة من خلال الكتب الإلكترونية والبرامج التعليمية التفاعلية، وكذلك تعزيز الاستقلالية باستخدام أنظمة المنزل الذكى والأجهزة المساعدة التي تُتيح بيئة منزلية آمنة ومستقلة، وتشمل بعض الأمثلة على هذه التقنيات الحديثة التى تقدمها شركات البرمجيات العملاقة مثل “مايكروسوفت” من أجهزة الكمبيوتر والهواتف الذكية والبرامج والتطبيقات المُخصصة لتسهيل التواصل والتعلم والوصول إلى المعلومات، وبرامج تحويل النص إلى صوت وصوت إلى نص، والأطراف الاصطناعية والروبوتات الداعمة، والبرامج التعليمية التفاعلية، والبرامج والتطبيقات الداعمة للصحة النفسية.