الرئيسيةأخبارالإبداع في أدب الحرب .. بقلم / عوني عبد الصادق .. روائي مصري … موقع صاحبة الجلالة
أخبارثقافة و فنونمقال

الإبداع في أدب الحرب .. بقلم / عوني عبد الصادق .. روائي مصري … موقع صاحبة الجلالة

يأتي إبداع هذه الحقبة بداية الألفية الثانية، ونحن نعاني مخاض أكثر اللحظات خيالا وابداعًا في التاريخ، وفي حصيلتنا كم هائل غير محدود من الأفكار والصور على شريحة مدمجة ـــ نقطة متناهية الصغر وقد لا ترى بالعين المجردة ـــ في فترات التشوش والاضطرابات هي فترات الإبداع بإمتياز، فترات تموج بالوعود في تمهيد طريق فائق السرعة للإنطلاق إلى ما بعد حداثة تنبثق كشبح من جثة الحداثة التي أفل نجمها، حقبة تعبر عالم يتسم بعدم اليقين وعدم القدرة على التنبؤ! عالم في الزاوية بين نقيضين، التخمة والمجاعات، والتدين والعنف، عالم يتسم بالانقطاعات الثقافية والسياسية والاقتصادية، كما ذكر المفكر الفرنسي دينيس ديكلو (*) في كتابه “المجتمع العالمي عالم الانقطاعات”

في إبداع الحرب تتكشف عبر المواقف الحادة الفاصلة الفارقة حقيقة الإنسان الذي يخوض غمار الحرب، قيمته ومعدنه، وحيث تجليات الحرب التي قد لا تعني عنده حياة أو موتًا، ولكن ترفعه إلى أفق أعلى خارج ذاته أحيانًا ليرى نفسه وبنفسه حقيقة أخرى، تسمو به فوق الحياة والموت.

الحرب حالة استثنائية يظهر فيها جوهر الإنسان، مأساته، معدنه الحقيقي، قوته، جبروته، شراسته، قمة ضعفه، ومدى هشاشته. وأنا أتابع أخبارها، وتحليلات خبراء الحرب، ودراويش السياسة، كنت أبحث في بنية الفكرة “فكرة الحرب” حيث يكون الوعي في قمة حضوره، تزاحم ذاكرته رموز من قاع اللاوعي تشكل خريطة حضور الإنسان ووجوده تستيقظ بكامل تفاصيل تضاريسها في اللحظات الحادة الفارقة والملتصقة بالتهديد المباشر، في الزمن صفر ومن المسافة صفر أيضًا للوجود برمته، لحظة يتلاشى فيها النور ويعم الظلام، وحيث يكون الإنسان في هذه اللحظة هو مركز الوجود، حالة مثالية تتكشف فيها تلافيف العقل المعقدة عن كنز أسراره، في هذه اللحظة ـــ لحظة الوجود المحض ـــ تكون قراءة مخالفة ممتعة من التأمل للتاريخ والإنسان.
وهكذا يعلمنا منطق التاريخ ودهاء التاريخ أيضًا، ويطرح على الطاولة كل رهانات القرن الواحد والعشرين.

قال ديكارت(*) : “العالم كتاب مفتوح قصة يقرؤها الإنسان، وقراءة الإنسان لهذه القصة هي قصة أخرى”

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *