في شهر ديسمبر عام 1979اجتاحت القوات السوفييتية أرض أفغانستان (المسلمة) ، بعدها بعدة أشهر انطلقت حملة كبيرة اجتاحت كل من العالمين العربي والإسلامي تحت اسم (أنقذوا المسلمين في أفغانستان) , ورغم نبل الهدف إلا أنني في تلك الفترة كان العجب يجتاحني والدهشة تزلزل كياني ، فقد سيطر على تفكيري سؤال ملح هو ( لماذا لا نطلق شعار ” أنقذوا المسلمين في فلسطين” ؟) طبعاً اكتشفت فيما بعد مدى سذاجتي ، لأنه ببساطة لسنا نحن من نحدد من هو عدونا .
في تلك الفترة انهالت التبرعات بالنفس وبالمال دفاعاً عن مسلمي افغانستان ، وظهر على الساحة تنظيم القاعدة بقائده أسامه بن لادن الذي كان ملء السمع والبصر ، ظهر تنظيم القاعدة كرأس حربة للمقاومة الإسلامية ، وأصبح قائده أسامه بن لادن بطل قومي . في نهاية عام 1988 وبداية عام 1989 انسحب السوفييت من أفغانستان ، تصورت لسذاجتي أن هذا الجيش من المجاهدين سوف ييمم شطر المسجد الأقصى وفلسطين لاستكمال انقاذ المسلمين ، غير أن ماحدث كان مغايراً لذلك تماما ، لقد بدأت الأضواء تنحسر عن تنظيم القاعدة وعن قائده (البطل القومي) . بدأت الاتهامات تكال من كل الاتجاهات لهذا التنظيم متهمة إياه بأنه يقوم بأعمال إرهابية ! . ربما فعل ذلك من أجل إثبات الذات ! ، غير أن الملاحظة الهامة هنا أن هذا التنظيم لم يقم بأي عمل عدائي ضد العرب والمسلمين ، ولا ضد إسرائيل أيضا ! ، ورغم ذلك فقد أصبح هذا التنظيم تنظيماً إرهابيا معادياً للعرب وللمسلمين ! . رغم أنني أجَرِّم أعماله العدوانية ، إلا أنني أتساءل (لماذا اصبح تنظيم القاعدة عدواً للعرب وللمسلمين ؟ ) وطبعاً تعلمت الدرس وأصبحت الإجابة العقلانية هي : (لسنا نحن من يحدد من هو عدونا) ! .
في 11/9/2001 م تم تفجير برجي التجارة في نيويورك ، في تلك الليلة تحديداً سمعت حديثاً لأسامة بن لادن في التليفزيون وهو يقول بصوته واصفاً تفجير البرجين ( إن هذه عملية رائعة حقا ، كم كنت أتمنى أن يكون لنا شرف تنفيذ تلك العملية ) ، لقد استمعت لذلك التصريح مرة واحدة فقط ، وبعد ذلك اختفى هذا التسجيل الصوتي تماما ! ، رويداً رويداً بدأت تظهر الشكوك بأن تنظيم القاعدة هو منفذ تلك العملية ، ثم تحول الشك إلى يقين . والآن أصبح هناك حقيقة ثابتة دون أية تحقيقات ظاهرة للناس ، هذه الحقيقة هي أن تنظيم القاعدة هو المسؤول عن تفجير برجي التجارة في نيويورك ! . المدهش أنك لو حاولت أن تشكك في تلك المعلومة فسوف تواجه بوابل من الاتهامات ، ربما أقلها أنك كافر وملحد ، وأنك تشكك في ثوابت الدين ! ( فلسنا نحن من نحدد عدونا !) .
تسللت على استحياء دعوة لمهاجمة الفكر الشيعي ! بدأت تلك الدعوة تنتشر شيئاً فشيئاً حتى تحولت إلى دعوة للتكفير ! . وكانت لى قبل ذلك تجربة ثرية مع أصحاب الفكر الشيعي ، وكانت لي حوارات ممتدة مع العديد منهم ، ورغم بعض الملاحظات الفقهية إلا أنني ساءلت نفسي :
1 – أليسوا يشهدون أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله ؟
2 – أليسوا يقيمون الصلوات الخمس ، ووجهتهم في الصلاة هي الكعبة المشرفة ؟
3 – أليسوا يؤدون الذكاة ؟
4 – أليسوا يصومون رمضان كما نصوم ؟
5 – أليسوا يحجون البيت كما نحج نحن أهل السنة ؟
الإجابة على كل تلك الأسئلة هو نعم ! … إذاً لماذا نكفرهم إذا كانوا يقيمون أركان الإسلام الخمسة ؟ ! ! .
ألم يعنف رسول الله (ص) خالد بن الوليد عندما قتل رجلاً نطق الشهادتين في إحدى المعارك ؟ فماذا نحن فاعلون؟ لقد رافقت العديد منهم في الصلاة ، وفي الحج والعمرة ، ولم أجد ما يؤخذ عليهم ! . وفوق ذلك ، ألم يكن محمد رضا بهلوي شاه إيران ( الشيعي) متزوجاً من الأميرة فوزية أخت الملك فاروق ؟ ألم تتحالف إيران (الشيعية ) مع المملكة العربية السعودية (السنية) لضرب الجيش المصري ( السني) في اليمن في ستينيات القرن العشرين ؟ ألم يحارب الشيعة العراقيين ضد إيران الشيعية دفاعاً عن العراق في ثمانينيات القرن العشرين ؟ لماذا الشيعة أعداءً لنا اليوم ؟ الإجابة ( لأننا لسنا نحن من يحدد عدونا ! ) .
اليوم يطل علينا عدو جديد هو تنظيم طالبان ، لقد اختار الآخرون لنا الأعداء ! اختاروهم لنا وفق هواهم ! ، وما علينا إلا الطاعة العمياء ! فليس من حقنا مجرد إعمال العقل ، ألم نصل إلى مرحلة النضج بعد ؟ أما زلنا غير قادرين على معرفة من هو عدونا الحقيقي ؟ لقد كنا نعرفه بالأمس القريب ! كنا نراه ونحدده بوضوح وجلاء ! ماذا دهانا ؟ ألم يئن لنا أن نعود إلى رشدنا من جديد ؟
أمام تلك الأسئلة نطلق تلك الحملة بعنوان ” إعرف عدوك “
أفيقوا أيها السادة ! أليس فينا رجل رشيد ….؟ …… إعرف عدوك #حماد_مطر