الحرب
..وهى عدة حروب تخوضها مصر على كل الجبهات، وخطورتها أنها ليست مرئية ولكنها خفية من حروب الجيل الخامس التى تتسم بعدم وضوح الخطوط الفاصلة بين الحرب والسياسة والمقاتلين والمدنيين. فالحروب التى خاضتها مصر والأحلام التى خامرتها والانتفاضات التى قامت بها ارتبطت بصورة أو بأخرى بمحاولات الخروج من القيود الصارمة التى كبلت إرادتها ووجودها، لأن جميع الغزاة يعتقدون أن بقاء مصر بعيدًا عن الحروب فترة أطول يعنى أنها ستتمدد، وتأخذ مساحتها كإمبراطورية وقوة عظمى. ومن أخطرالحروب التى تواجه مصر الآن، تلك الحروب الاقتصادية التى تحاصر شعبا قلت موارده وكثر نسله، وتداعت عليه الأزمات. وبغض النظر عن التضخم وكل التحديات فإن الفجوة السكانية، وهى التى تقول فى مضمونها إن السكان يتزايدون بصورة مطردة مع محدودية الموارد الطبيعية وغير الطبيعية، وهو ما أدى لظهور مفهوم الندرة. وكثير من مشكلات الاقتصاد المصرى، وتلك واحده من حروب مصر أما بقية الحروب فهى لتركيع البلد عقابا لها على رفضها الأحلاف والتبعية ذلك آن إصرار مصر على الدخول بقوة عصر الطاقة النووية النظيفة، ومشاركة الرئيس الروسى فى وضع خرسانة المفاعل الرابع بالضبعة كان تأكيداً لاستقلالية القرار وخروج مصر من بيوت الطاعة الدولية، وكذلك كان انضمام مصر لمجموعة البريكس بما يسمح لها بالحصول على قروض ميسرة من بنك التنمية التابع للتكتل، بما يساعد فى الهروب من حصار صندوق النقد الدولى واشتراطاته القاسية ثم رفض تهجير الفلسطينيين من غزة وإفشال المخطط الكبير فى المنطقة لكل ذلك كان لابد من عقاب مصر وحصارها.
وبالتالى فإن ما يحدث للاقتصاد ليس مصادفة ولكنه فى إطار حملة ممنهجة هدفها ممارسة اكبر ضغط على مصر، خصوصا ان من العروض التى كانت معروضة على مصر لتمرير صفقة نقل الفلسطينيين الى غزة كان إسقاط ديون مصر، وليست مصادفة ان يفرض الحوثيون حصارا جزئيا على البحر الأحمر مما أدى إلى خفض إيرادات الحساب الجارى لمصر عبر هيئة قناة السويس, وصل الى مايقرب من ٤٠٪، ومخطط الحصار مستمر ولم يتوقف فهم يريدون حصار الدولة مثلما فعلوا مع العراق والسودان وإيران وسوريا وكثير من الدول، والدور الآن علينا، والغرض هو خلخلة النظام السياسى، وإبعاد مصر وتخليها عن دورها الإقليمى والدولى ومن تلك المحاولات محاولة ضرب الاقتصاد, فى إعادة لسيناريو ٢٥يناير الذى أسقطته مصر ونجت منه بل وأسقطت مشروع تقسيم المنطقة فيما عرف بالربيع العربى، ولكنها دفعت فاتورة باهظة وصلت لنحو 400 مليار دولار بالنيابة عن المنطقة، ولو لم تحدث تلك الخسائر لكان الاقتصاد المصرى أفضل كثيرًا.
ومنذ ذلك التاريخ راحوا يحاصرون مصر من كل الجهات الأربع بالإرهاب فى الشمال، والاضطرابات فى الغرب من ليبيًا، وبعدم الاستقرار فى السودان، ومؤامرة سد النهضة مرورا بكوارث كورونا وحرب أوكرانيا التى عطلت التنمية ودمرت الاقتصاد وخلال ذلك رفضت مصر الرضوخ للسيناريوهات المدبرة والضغوطات المخططة ضد الجيش المصرى، الذى هو جيش كل العرب المصنف أول عربيا والعاشر عالميا، وكلما خرجت مصر من مأزق اخترعوا أزمة جديدة.