ذهبت بنا الكاتبة وداد إبراهيم الى أيام الخوف المُميت، أيام الحصار القصري – كورونا – أو كما يُسمى باللغة الدارجة (الكرصة)، تلك الايام والليالي التي كان فيها الموت ضيف ثقيل الظل على شعوب العالم أجمع، لكنها هنا تسرد لنا قصتها المُعنونه بـ (تزوجت خلال مَحبس كورونا)، كما كانت المحابس و السجون الإفتراضية التي أحكمها القدر مرافق لها طيلته حياتها أو قصتها …
شعورها بالوحدة بعد وفاة زوجها الاول، جعل منها عِرضة للقدر، بعد ذلك الذل والجبروت التي عانت منه من خلال مُعاشرته طيلة أيام حياتها معهُ، حتى وصل بها الحال أن تصفه بـ الكورونا، تلك التسمية المُميته التي تجلب الخوف لمن يسمع بها فقط بدون الإصابه، حتى قالت : (أحاول أن أتنظف من شروره ليل – نهار، لكن لا رحمة في قلبه) …
هددها الخوف هذه المرة بإبنتها (والآن لا أستطيع أن أتزوج ثانية بعد أن هددني زوج ابنتي أنه سيعيد لي ابنتي وأبناءها الخمسة أمامي إن تزوجت).. هنا تفعل السلطة الذكورية كما تشاء في مُجمع لا يُقدر أبسط مُتطلبات المرأة في الحياة و سلب إحتياجاتها الطبيعية و الرغبة باللذة و التعامل البشري .
زوج إبنتها تسلط عليها، وهذه الحالات موجودة في مجتمعاتنا لكنها قِله، هنا الكاتبة أرادت أن تُبين دور المجتمع المتُسلط في الألفية الثالثة، و قدرتهم على التحكم في مصائر الغير أو حتى درجة القرابة البعيدة، من خلال نفوذهم السلطوي ..
في منتصف القصة تسرد لنا الكاتبة وداد ابراهيم كثرت السجون في عالمها، حيث تقول : (فأنا رهينة محبس كورونا ورهينة محبس العزوبية المقيتة ورهينة محبس التقاعد والبطالة، إنه الموت البطيء( . أشارت الى الموت في نصها وقد يكون وقتها الموت أسمى غاياتها، فأن العذابات التي عاشتها هي شبه الموت البطيء، وفي هذا الموت التي تمنته تكون راحة وهذا أقل بكثير من قتل حياتها كأدمية لها حقوقها البشرية، و لها تمنياتها و متطلباتها الانسانية، أو كأنثى لها رغباتها الخاصة التي هي تحتاجها كنوع من التفاعل البشري الطبيعي لإستمرار الحياة …
في الجزء الأخيرة من القصة، حيث تقول : (عاد الضابط إلي وطلب مني أن أقضي ليلة في بيته القريب من المكان ومع عائلته فليس لديه غير والدته، بقيت أفكر فما قاله ذلك الوسيم الذي لم يرفع عينيه عني أبداً، يبدو أن كورونا أكثر رحمة من زوجي، بل لا يشبه زوجي، فها هو حظر التجوال يجلب لي من يتطوع لمساعدتي، اقترب الليل جاء الضابط مرة أخرى وقال لي : تتزوجيني ؟ فقلت : ((نعم)) . أجاب على وجه السرعة : لنذهب إلى مكتب زواج شرعي يفتح أبوابه خلال حظر التجوال، تزوجت وخرجت من كل المحابس) .
و أخيراً :
لعب القدر دوره معها بإيجابية أو من صالحها، لإن الفرص والاقدار لا تأتي إلا مرة واحدة في الحياة، ومن ذكائها الفطري أو العفوي أو مشيئة القدر، حالفها الحظ وقالت بـ (نعم)، وهذه الـ نعم مفتاح لحياة جديدة قد تعوضوها عن عذابات السنين والمراحل الموت السجون والمحابس التي رافقتها طيلة حياتها أو قصتها …
الرئيسية ⁄ ثقافة و فنون ⁄ محابس الحياة .. للكاتبة وداد إبراهيم . بقلم : أحمد سعدون البزوني…صاحبة الجلالة
ثقافة و فنونمقال