أنا من الجيل القديم ، في فترة الخمسينات والستينات ، كان إذا فتح الله على أحد المواطنين وأراد فتح محل بقالة مثلاً ، وأراد اختيار اسم للمحل فكانت هناك أسماء متداولة عليه أن يختار أياً منها ، كان هناك مثلاً بقالة النصر – التحرير – قناة السويس – بور سعيد – مديرية التحرير – السد العالي – النيل – النهر الخالد – 23 يوليو – 26 يوليو – ناصر – الإسكندرية – بغداد – دمشق – النهضة . في بداية السبعينات ظهر على السطح اسم 15 مايو . بعد حرب 1973 ظهرت أسماء أكتوبر – العاشر من رمضان – العبور . القاسم المشترك بين كل تلك المسميات أنها أسماء عربية مصرية وطنية . مع بداية الانفتاح الاقتصادي في النصف الثاني من السبعينات ظهرت أول الأسماء الأجنبية ” سوبر ماركت ” وسرى الاسم سريان النار في الهشيم ، حتى كان كشك السجائر في أي حارة ضيقة يُطلق على نفسه اسم سوبر ماركت ، ومن هنا انتشرت الأسماء والمصطلحات الأجنبية كأسماء للمحلات ، وبدأ الكل ، من يعلم ومن لا يعلم ، الجاهل والمتعلم يتسابق في اختيار اسم أجنبي ، كان التوجه يحمل دلالة في غاية الخطورة ، هو أننا بدأنا نفقد هويتنا وثقافتنا ونشعر بالدونية أمام كل ما هو أجنبي . بدأت مرحلة الثمانينيات ومع موجة التطرف الديني ظهرت مسميات دينية مثل التقوى – الإيمان – مكة – المدينة المنورة – زمزم ، حتى أنني رأيت كشك متواضع لإصلاح الساعات يضع لافتة ” ساعاتي إسلامي ” !!! كما ظهرت بعض اللافتات عنواناً لمنهج عمل المحل مثل ” وكان أبوهما صالحا ” . إلي هنا والوضع مقبول . ولكن الكارثة ما أراه الآن ، فقد تجازنا كل معايير الذوق العام ، حتى نجد أحد المطاعم يحمل اسم ” حاتم القذر” ، وهناك محلاً آخر يجمل اسم ” عبده تلوث” غير أن ما رأيته أمس أصابني بالدوار ، لقد وجدت أحد المحلات الذي يقوم بتصنيع وجبة من تلك الوجبات الأوروبية التي انتشرت مؤخراً يحمل اسم ” زغزغني ” !!! آي والله العظيم !!! زغزغني ….. لقد أضفنا إلى الشعور بالدونية الافتقار إلى الذوق العام !! إلي أين نحن ذاهبون ؟؟؟ أفيقوا يرحمكم الله .
…. انتبهوا أيها السادة ….. أليس فينا رجل رشيد ؟؟!! …. حماد مطر