إن الوجود الإنساني لأي شعب أوجماعة لا يمكن فـهـمـه إلا فـي إطـار الأنـسـاق الاقـتــصــاديــة والاجتماعية والثقافية والدينية والجغرافية لهذا الشعب أو تلك الجماعة ، ولذلك فإن التعرض للشخصية اليهودية في هذا الإطار يصبح أمراً معقداً بقدر تعقد هذه الشخصية ، والتي تمتد جذورها وتتحدد خصائصها فـي إطـار من العوامل المتداخلة والمتنـاقـضـة ، والتي تتصل اتصالاً مباشراً بالظروف التي تعرض لها اليهود عبر التاريخ ، إن الشخصية اليهودية قد تاهت وتبعثرت عبر تضاريس العالم ، وخضعت لتأثيرات ثقافية ولغوية متباينة كانت تختـلـف مـن بـلـد إلـى آخـر ، بـحـيـث يـصـعـب تصور أي واقع تاريخي مادي أو ثقافي مشترك بينها ، فهل يمكن تصور قاعدة ثقافية واحدة تربط يهود الفلاشا بيهودي بولندا ؟! وعلى هذا الأساس فإن الحديث عن “شخصية يهودية” يعتبر من قبيل الإبحار في محيط هائـل ، مليء بالجزر والشعاب التي لم تكتشف بعد . بـنـاء عـلـى هـذا فإن أول مـا يـلـفـت الـنـظـر فـي الشخصية الـيـهـوديـة ، هـو أنها لـم ترتبط في وجودها بإطار جغرافي محدد ، ومن ثم ، فإن الجغرافيا لم تكن جزءا من هويتها ، ولم تكن كذلك سمة من سمات تراثها الذي يتميز بتـعـدد مراكزه الجغرافية . ومع ذلك ، فلقد تضخم تاريخ بني إسرائيل حتى صار ورماً سرطانياً في تاريخ البشرية ، حدث ذلك دونما سبب واضح ، اللهم إلا بسبب مرض مزمن لدى صناع التاريخ ، وانحيازهم السافر لإيجاد موطىء قدم للجماعة اليهودية في تاريخ الإنسانية .
… أفيقوا أيها السادة … أليس منا رجل رشيد …؟!
#اعرف_عدوك #حماد_مطر
اليهودية في تاريخ الإنسانية .. بقلم / حماد مطر …موقع صاحبة الجلالة
